Powered By Blogger

’’زد‘‘ ودروس الثورة المصرية الثلاثاء, مارس 27, 2012



’’زد‘‘ ودروس الثورة المصرية
كنت ألمح شعار الأوسكار على الأفيشات فى طريقى إلى المدرسة، ولحداثة سنى آنذاك اعتقدت أن هذا الشعار إنما يخص فيلم ’’زد‘‘ لكوستا جافراس، ولا أدرى لم أصابتنى لهفة قوية لمشاهدته حتى أصبح حلما لم يتحقق إلا منذ أيام قلائل بعد مرور ما يزيد عن الأربعين عاما من هذا الحلم.
لعل ما أثار فضولى هو عنوان الفيلم الذى جاء مكونا من حرف لاتينى وحيد وهو Z وينطق حسب الفيلم ’’زي‘‘ وهو مربط الفرس فى الفيلم الذى تم إنتاجه سنة 69، وهو مبنى على حادثة حقيقية حصلت فى اليونان عن الرواية التى تحمل نفس العنوان والتى صدرت سنة 66 للكاتب فاسيليس فاسيلوكوس والتى استوحاها من مقتل السياسى جريجوريس لامبراكيس سنة 63.
حين تابعت الفيلم خيل إلى أننى أشاهد نسخة قديمة من ثورتنا المصرية ، وكأن النظام كان عاكفا على مذاكرة الفيلم وحفظ السيناريو بحذافيره بدءا من استخدام البلطجية وتواطؤ الشرطة وتسويف القضايا.
هو بحذافيره ما يحدث منذ بدء الثورة وحتى يومنا هذا، الفارق الوحيد يكمن فى وجود طرف ماسونى هو المنقذ  فى اللعبة والذى تم تجاهله تماما فى التحقيقات بعد أن تعرض عضوان من البرلمان لإيذاء البلطجية مما أدى لوفاة الشخصية المحورية فى الفيلم وهو الدكتور المحاضر عقب محاضرة فى مؤتمر لرفض التسلح النووى والتى رفض البوليس تأمينها، وقام بتأمينها بشكل صورى، بل قام فى واقع الأمر بتأمين خطة الاغتيال للبروفيسور وإعداد التقرير بشكل مسبق للإفادة بأنه مات إثر حادث بسيارة يقودها سائق مخمور مما يذكرنا بخالد سعيد وتقرير اللفافة، وكذا العدوان على البرادعى وابو الفتوح وغيرهم.
أما ذلك الشخص الماسونى فقد قام برغم ضآلة حجمه بمطاردة السيارة ركضا وتضارب مع البلطجى الذى أطل منها ليضرب البروفيسور بهراوة من النوع المستخدم فى جهاز الشرطة، ثم لم يظهر أى دور له فى القضية ولا فى الأحداث رغم كونه شاهدا لا يستهان به، وهو أمر يدعو للعجب فى فيلم بهذا الإحكام، ترى هل كانت مجرد مغازلة  للماسونية أم هجوما عليها!!؟
وكما أشعلت الثورة المصرية صورة خالد سعيد السكندرى أشعل صحفى من جريدة محلية يحمل كاميرا لا تفارقه تصور البلطجية وهم يضربون أتباع البروفيسور، بل ويضربون الفتيات ويتحرشون بهن!!
وكلما حاول وزير الداخلية والدفاع إغلاق الملف تتكشف الخيوط للمحقق المتابع للقضية ليكتشف مدى تورط النظام فى عملية الاغتيال ومحاولاته تلفيق بيانات تتعارض مع تقرير الطبيب الشرعى الذى أجبر على الصمت حين كان البروفيسور فى غرفة العمليات قبيل وفاته وبأمر من وزير الداخلية ومأمور البلدة، وحين يقترب من الحقيقة كاملة يتعرض المحقق للمساءلة من قبل النائب العام الذى يحاول إثنائه عن الاستمرار فى القضية كى لا تهتز سمعة القضاء والمؤسسة العسكرية بجيشها وشرطتها!!
أى أن العسكر والقضاء خط أحمر!!
لكن المحقق يأبى الانصياع لمطالب النائب والتى تصل إلى حد التهديد ويقوم باستدعاء كافة المتهمين بدءا من البلطجية والذين ينتمى معظمهم لحركة مسيحية متطرفة تدعى كروك وانتهاء بالجنرالات الكبار، مما يذكرنا باستدعاء المشير واستجوابه والمدهش أن الفيلم فرنسى وأن قانون بلادنا معظمه فرنسى!!
حتى الفوتو شوب الذى خرج علينا العكاشيون به لم يغب عن الفيلم، فحين عرض المحقق على المأمور صورة  له مع القاتل  ـ والذى حاول قتل الشهود  بعد مقتل البروفيسورـ كدليل قال إنها صورة ملفقة ليبدأ بعدها مهرجان البراءة وقتل الشهود لينتهى الفيلم بأن يأخذ العسكر  لفت نظر، وأما القتلة من البلطجية  فأخذوا أحكاما مخففة لا تزيد عن أربع سنوات، بل وأخذ بعضهم غرامة، مما يذكرنا ببلطجية أحداث قنا وبالمخبرين اللذين قتلا خالد سعيد وببراءة بلطجية السيدة.

وأخيرا ينتهى الفيلم باستقالة الحكومة وتولى الجيش السلطة  وبسيطرة التيار الدينى
الذى يحظر الشعور الطويلة  للرجال والجونلات القصيرة للنساء وفوق هذا وذاك حظر المظاهرات ، والرقابة على المطبوعات وتحريم كتاب بعينهم مثل سوفوكليس وأرسطو وتولستوى والرياضة الحديثة بل وحظر استعمال حرف Z الذى ينطق باليونانية ’’زي‘‘ وهى كلمة معناها إنه حى!!
سامية أبو زيد

0 التعليقات: