Powered By Blogger

جمل ودبابة ومهمات عسكرية الأحد, فبراير 27, 2011

جمل ودبابة ومهمات عسكرية

بقلم: سامية أبو زيد

كان خريج كلية الفنون الجميلة وتم تجنيده كباقى الشباب، وفى المعسكر أصابه الملل فلم يجد سوى هوايته ملاذا وهى الرسم، فأخذ يرسم على الخيمة التى يبيتون فيها، وكان فنانا بحق فصارت الخيمة رائعة المنظر، فإذا به يتعرض للمحاكمة بتهمة إتلاف مهمات عسكرية!!!

وقعت هذه الحادثة فى أوائل الثمانينيات للفنان التشكيلى يوسف شاكر رحمه الله، وقد قفزت إلى ذاكرتى بقوة حين رأيت الدبابات والمصفحات فى ميدان التحرير مكتوب عليها يسقط حسنى مبارك، بل وتعدت المسألة الهتافات والشعارات لتصل إلى حد الشتائم باللغتين العربية والانجليزية، فخطر ببالى حينئذ أن بين الحادثتين ما يناهز الثلاثين عاما، فهل خفت صرامة الجيش فى تلك الفترة؟

ثم جاء الهجوم المباغت بالجمال والخيول على المتظاهرين فى ميدان التحرير، ليقفز إلى ذهنى فى الحال تلك الممرات التى كانت تحتشد بنا والتفتيش الذاتى الذى تعرضت له وكيف طلبت منى الفتاة التى تفتشنى اخراج المحمول من جيبى للتأكد من كونه هاتفا محمولا وليس أى شيء آخر، فهل ارتدى الخيالة والهجانة طواقى الاخفاء كى يصلوا إلى الميدان!؟ ثم علمت بعد ذلك باحتراق بعض المصفحات العسكرية على يد البلطجية وتسامع الناس باستشهاد بعض جنود الجيش، فأى قوة فاجرة هذه التى تتجاسر وتتلف مهمات عسكرية اتلافا حقيقيا، بل وتقتل أفرادا من الجيش!؟

ولم تنته أعاجيب الثورة بانضمام أحمد شومان واثنين من زملائه لصفوف الثوار، ولا بالتحية العسكرية التى ألقيت لشهداء الثورة مع تجاهل لأداء مثلها لمبارك ليتم تنحيته بعدها كما توقع الكثيرون، العجيبة التالية كانت فى التماسات المواطنين للعفو عن أحمد شومان وفى هذا ما لا يدعو للعجب، العجيب فى الأمر حقا هو استجابة الجيش ـ أو ما بدا استجابة ـ لهذا المطلب فجاءتنا البشرى بحفظ التحقيق على صفحات الفيس بوك فى شكل بيان صادر عن القوات المسلحة من خلال صفحة الجيش التى أنشئت للتواصل مع الجماهير وخاصة مع الانتلجانسيا الجديدة التى تؤجج الثورة وتحركها وهم كتاب الانترنت، وللحق أن الجيش تعامل مع الثوار بسعة صدر وحلم مشهود لهما بيد أن الاستجابة للمطالب الشعبية تكاد تنحصر فى الاستجابة للمطالب العاطفية من عينة حفظ التحقيق مع شومان وزملائه، أو القبض على العادلي وعز الخ... أما المطالب العملية والكفيلة بتهدئة الثوار وعودة الحياة إلى مسارها الطبيعى، بل مسارها المنشود والذى من أجله قدمت التضحيات، فمازالت قيد البحث بل التسويف، إلى أن حدث ما حدث فى الخامس والعشرين من فبراير 2011 من فلتان أعصاب من كلا الطرفين ونفاد صبر من كليهما، والتوجس الذى بدأ يقر فى النفوس من أن تكون للجيش أجندته الخاصة، وذلك لأنه من بداهة الأمور أن تلك القوات الخاصة التى تواجدت فى الميدان لم تتواجد بعصيها المكهربة من تلقاء ذاتها، ولم تضرب المتظاهرين من تلقاء ذاتها، فهى ليست حوادث فردية كحادثة شومان ورفيقيه، ليبرز السؤال الجوهرى بأمر من يأتمر الجيش؟

0 التعليقات: