المتابعونالمصحف المرتلأستاذة.. سامية أبو زيد
أديبة فى دروب المعرفة
على عصا العلم تتوكأ.. وكلما قطعت دربا ازددت حيرة.. فلا من الأدب ارتويت ولا من العلم اكتفيت. مواقع تهمنيفضفضةالزوارأصدقائي
هع مين هناكساعة الحظ |
سامية أبو زيد .. كاتبة مصرية
سامية أبو زيد
غرام فى المدبح | السبت, أغسطس 29, 2009 |
Filed under:
|
غرام فى المدبح
*********
بقلم: سامية أبو زيد
************
حين هم القاضى بفتح فمه للنطق بالحكم فى دعوى التفريق لعدم التكافؤ التى رفعها أهل الطبيبة البيطرية اللامعة، صرخت هى وطلبت كلمة أخيرة من القاضى تشرح له لم هى متمسكة به كزوج وتستعطفه باسم الحب للحكم بعدم التفريق بينها وبينه، فكانت دموعها تنساب مدرارا وهى تقول: ’’سيدى القاضى هذه ليست دموع تماسيح التى تراها، بل هى دموعى أنا التى تنبع من قلبى.
آه يا سيادة القاضى لو عرفت بقصة حبنا، كنت ستباركها وتدعو لنا بدوام الهناء.
أعلم أننى طبيبة بيطرية وزوجى من حملة الدبلوم، ولكن مالم يذكره أهلى هو كيف دبر القدر لقاءنا الأول‘‘.
وشردت بهيام وهى تتذكر لتكمل قائلة: ’’ حين رأيته أول مرة كان ذلك فى محل الجزارة الذى تملكه العائلة حيث أعمل بالجزارة بدلا من انتظار التعيين من القوى العاملة....
كنت أقف خلف ’’الأورمة‘‘ وبين يدى رأس عجل حين دخل هو المحل ورأيته...
آه يا سيادة القاضى لكم تمنيت أن تكون رأسه هى التى على ’’الأورمة‘‘ بدلا من رأس العجل التى كنت أقوم بفلقها بالشاطور.‘‘
وسرت همهمة استنكار فى القاعة ولكنها أكملت: ’’كنت أتمنى أن تكون رأسه بين يدى كى أضمها إلى صدرى بكل الحب الذى تفجر بداخلى ساعتها، وكم تمنيت أن تكون عيناه محل الجوهرة وأنا أخرجها من محجرها، كى لا يرى أحدا غيرى.
وحين فلقت رأس العجل وأخرجت المخ ولمسته بيدى شعرت بمخى يفور وتمنيت لو أوتيت القدرة على فتح مخ حبيبى لمعرفة أسراره. وتمنيت لو عضضت بأسنانى على لسانه كى أجبره على الاعتراف بحبى وأنا أخرج اللسان من فمه.
وبعد أن انتهيت من الرأس، وقفت أختلس النظر إليه وأنا أكسر ضلوع العجل ريشة بريشة ورأيته واقفا كالأسد بين الحمير الوحشية، والكل يفسح له الطريق لمهابته وجماله، وتمنيت لو أننى ظبية مستضعفة يقوم بمطاردتها وصيدها فتشبعه. وتمنيت أن أفتح لنفسى بابا فى ضلوعه كى أنفذ منه إلى قلبه وأفتش فيه لأعرف إذا كان خاليا أم أن به غريمة لى.
آه يا سيادة القاضى لو تدرى بما شعرت به وهو يغادر المحل منصرفا، شعرت وكأننى الذبيحة تحت يد جزار ’’غشيم‘‘ بها سكين بارد النصل يمزقنى ببطء وقسوة، ودعوت ربى أن يجمعنى به، ونذرت أن أخفض سعر اللحم جنيهين كاملين للكيلو لو حقق لى مرادى والتقيت به مجددا، وأن أخفضه خمسة جنيهات كاملة لو تزوجته.
ويبدو أن الله استجاب لدعوتى رحمة بالفقراء فالتقيت به فى آخر مكان يمكنك تصوره، حيث قابلته فى عرض لباليه ’’بحيرة البجع‘‘، وما لم يذكره أهلى أنه يغشى الحفلات الموسيقية والمتاحف ومعارض الفنون التشكيلية، فما ذنبه إذا كان مجموعه لم يؤهله لدخول كلية من الكليات، ومع ذلك فهو مثقف ومطلع.
ولأن إرادة الله نافذة، فقد لمحته برغم الزحام الشديد، وكأننى أنثى ضفدع تصغى لذكر بعينه فى بركة ملأى بالنقيق فتتبع الصوت وتصل إليه.
وشققت طريقى بين الصفوف كحصان فى سباق محموم وبينه وبين خط النهاية بضعة أمتار عليه أن ينتهى منها قبل الهزيمة وخيبة الرجاء، وهبطت عليه بغتة كحدأة رأت فرخا يروقها فانقضت عليه لتخطفه قبل أن يسبقها إليه غيرها. وفى ثوان معدودة تم التعارف بيننا ونشأت بيننا الألفة من فورها كما لو كنا قردين من نوع ’’الأورانجوتان‘‘ فى جبلاية مليئة بالشيمبانزى والنسانيس، التى وإن انتمت إلى نفس الفصيلة لكنها تختلف عنا فى النوع، كنا وحيدين وسطهم ومتميزين كهذين القردين‘‘.
وهنا تململ القاضى وهرش فى رأسه على ذكر القرود ثم انتبه لنفسه وطلب منها الاختصار، فأكملت قائلة: ’’توطدت صلتنا بعد ذلك وشعرت أنه سبعى وأننى أنثاه التى لا يلذ لها العيش بدونه، وأنه جملى وأننى ناقته التى قد تصبر على الجوع والظلم والقهر ولا تصبر على فراقه، ولم أجد بدا من الزواج منه رغم أنف أهلى فهو بالنسبة لى نموذج الرجل الذكر الذى يملأ العين لا فى دنيا البشر فحسب بل فى المملكة الحيوانية بأسرها، فلا تحرمنى منه فأغدو كالعصفورة المحرومة من وليفها فتموت قهرا وحزنا عليه‘‘.
وحين انتهت البيطرية العاشقة من مرافعتها البليغة والمقنعة وبعد التأكد من وفائها لنذرها بخفض سعر اللحم، حكم القاضى ببطلان الدعوى وعودة الوليفين إلى حظيرة الزوجية بعد ثبوت تكافؤهما ومناسبتهما لبعضهما البعض.
مصر الجديدة
الثلاثاء 23 يونيو 2009
بقلم: سامية أبو زيد
************
حين هم القاضى بفتح فمه للنطق بالحكم فى دعوى التفريق لعدم التكافؤ التى رفعها أهل الطبيبة البيطرية اللامعة، صرخت هى وطلبت كلمة أخيرة من القاضى تشرح له لم هى متمسكة به كزوج وتستعطفه باسم الحب للحكم بعدم التفريق بينها وبينه، فكانت دموعها تنساب مدرارا وهى تقول: ’’سيدى القاضى هذه ليست دموع تماسيح التى تراها، بل هى دموعى أنا التى تنبع من قلبى.
آه يا سيادة القاضى لو عرفت بقصة حبنا، كنت ستباركها وتدعو لنا بدوام الهناء.
أعلم أننى طبيبة بيطرية وزوجى من حملة الدبلوم، ولكن مالم يذكره أهلى هو كيف دبر القدر لقاءنا الأول‘‘.
وشردت بهيام وهى تتذكر لتكمل قائلة: ’’ حين رأيته أول مرة كان ذلك فى محل الجزارة الذى تملكه العائلة حيث أعمل بالجزارة بدلا من انتظار التعيين من القوى العاملة....
كنت أقف خلف ’’الأورمة‘‘ وبين يدى رأس عجل حين دخل هو المحل ورأيته...
آه يا سيادة القاضى لكم تمنيت أن تكون رأسه هى التى على ’’الأورمة‘‘ بدلا من رأس العجل التى كنت أقوم بفلقها بالشاطور.‘‘
وسرت همهمة استنكار فى القاعة ولكنها أكملت: ’’كنت أتمنى أن تكون رأسه بين يدى كى أضمها إلى صدرى بكل الحب الذى تفجر بداخلى ساعتها، وكم تمنيت أن تكون عيناه محل الجوهرة وأنا أخرجها من محجرها، كى لا يرى أحدا غيرى.
وحين فلقت رأس العجل وأخرجت المخ ولمسته بيدى شعرت بمخى يفور وتمنيت لو أوتيت القدرة على فتح مخ حبيبى لمعرفة أسراره. وتمنيت لو عضضت بأسنانى على لسانه كى أجبره على الاعتراف بحبى وأنا أخرج اللسان من فمه.
وبعد أن انتهيت من الرأس، وقفت أختلس النظر إليه وأنا أكسر ضلوع العجل ريشة بريشة ورأيته واقفا كالأسد بين الحمير الوحشية، والكل يفسح له الطريق لمهابته وجماله، وتمنيت لو أننى ظبية مستضعفة يقوم بمطاردتها وصيدها فتشبعه. وتمنيت أن أفتح لنفسى بابا فى ضلوعه كى أنفذ منه إلى قلبه وأفتش فيه لأعرف إذا كان خاليا أم أن به غريمة لى.
آه يا سيادة القاضى لو تدرى بما شعرت به وهو يغادر المحل منصرفا، شعرت وكأننى الذبيحة تحت يد جزار ’’غشيم‘‘ بها سكين بارد النصل يمزقنى ببطء وقسوة، ودعوت ربى أن يجمعنى به، ونذرت أن أخفض سعر اللحم جنيهين كاملين للكيلو لو حقق لى مرادى والتقيت به مجددا، وأن أخفضه خمسة جنيهات كاملة لو تزوجته.
ويبدو أن الله استجاب لدعوتى رحمة بالفقراء فالتقيت به فى آخر مكان يمكنك تصوره، حيث قابلته فى عرض لباليه ’’بحيرة البجع‘‘، وما لم يذكره أهلى أنه يغشى الحفلات الموسيقية والمتاحف ومعارض الفنون التشكيلية، فما ذنبه إذا كان مجموعه لم يؤهله لدخول كلية من الكليات، ومع ذلك فهو مثقف ومطلع.
ولأن إرادة الله نافذة، فقد لمحته برغم الزحام الشديد، وكأننى أنثى ضفدع تصغى لذكر بعينه فى بركة ملأى بالنقيق فتتبع الصوت وتصل إليه.
وشققت طريقى بين الصفوف كحصان فى سباق محموم وبينه وبين خط النهاية بضعة أمتار عليه أن ينتهى منها قبل الهزيمة وخيبة الرجاء، وهبطت عليه بغتة كحدأة رأت فرخا يروقها فانقضت عليه لتخطفه قبل أن يسبقها إليه غيرها. وفى ثوان معدودة تم التعارف بيننا ونشأت بيننا الألفة من فورها كما لو كنا قردين من نوع ’’الأورانجوتان‘‘ فى جبلاية مليئة بالشيمبانزى والنسانيس، التى وإن انتمت إلى نفس الفصيلة لكنها تختلف عنا فى النوع، كنا وحيدين وسطهم ومتميزين كهذين القردين‘‘.
وهنا تململ القاضى وهرش فى رأسه على ذكر القرود ثم انتبه لنفسه وطلب منها الاختصار، فأكملت قائلة: ’’توطدت صلتنا بعد ذلك وشعرت أنه سبعى وأننى أنثاه التى لا يلذ لها العيش بدونه، وأنه جملى وأننى ناقته التى قد تصبر على الجوع والظلم والقهر ولا تصبر على فراقه، ولم أجد بدا من الزواج منه رغم أنف أهلى فهو بالنسبة لى نموذج الرجل الذكر الذى يملأ العين لا فى دنيا البشر فحسب بل فى المملكة الحيوانية بأسرها، فلا تحرمنى منه فأغدو كالعصفورة المحرومة من وليفها فتموت قهرا وحزنا عليه‘‘.
وحين انتهت البيطرية العاشقة من مرافعتها البليغة والمقنعة وبعد التأكد من وفائها لنذرها بخفض سعر اللحم، حكم القاضى ببطلان الدعوى وعودة الوليفين إلى حظيرة الزوجية بعد ثبوت تكافؤهما ومناسبتهما لبعضهما البعض.
مصر الجديدة
الثلاثاء 23 يونيو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
© 2008 سامية أبو زيد .. كاتبة مصرية
Design by Templates4all
Converted to Blogger Template by BloggerTricks.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق