Powered By Blogger

بروجيكتور الاثنين, سبتمبر 01, 2008

بروجيكتور
بقلم: سامية أبو زيد


فى تلك الحجرة المنعزلة، أطفأت الأنوار لتنير هى حياتى بلقطات متقطعة على حائط الوهم.
أدرت البروجكتور القابع بجوارى، ذلك الشاهد الصامت والخل الوفى الذى لا ينطق ولايصدر صوتا سوى تكات متفرقة غير منتظمة.
لكم أحبه رغم قدمه، بل وأفضله على تلك الأفلام السينيمائية وشرائط الفيديو والقنوات الفضائية والأفلام الأونلاين والتورنت وكل تلك المظاهر العصرية التى تحمل بطياتها إيقاع العصر المجنون.
أحيانا يختلط على الأمر فلا أدرى هل أحبه من أجلها أم أننى أحبه بالفعل، وأن المزايا التى أراها فيه هل هى حقيقية أم أننى أخلعها عليه؟
هو ليس كالسينما يعرض لك فيلما كاملا بحلوه ومره، بل يعرض لك شرائح تضعها دون أن يزعجك بأزيز الشريط الدائر كما تفعل ماكينة عرض الفيلم السينيمائى.
لقطات متقطعة هى أبدع ما قمت بالتقاطه لها وهى تضحك أو تزيح خصلة من شعرها، أو تشير بإصبعها فى إنذار ضاحك ألا ألتقط لها صورة وهى تلعق آخر نقطة آيس كريم بقعر الكأس مستعينة بنفس الإصبع المذكور.
يمكنك أن تتوقف ما شئت من الوقت عند كل لقطة، وأن تملأ عينيك منها حتى تشبع روحك، يمكنك أن تتجاهل فواصل الصور الباكية والغاضبة رغم تزاحمها فى ذهنك، وأن تسرح مثلى فى خيال لذيذ مع تلك اللقطات المثالية، وترتشف ما شئت من حلاوة الذكرى.

ليت حياتى كانت مجرد بروجيكتور أضع فيه ما شئت من الشرائح التى تجمعنا، وأنفى كل تلك اللقطات الواقعية المؤلمة.
فأمسح من ذاكرتى لحظة فراقها، ويوم زفافها، وأن أنسى يوم وفاتها، يوم أن بكيت سرا كى لا يعلم أحد كم كنت أحبها فيجرح سيرة ينبغى أن تظل عاطرة.
انتهت الشرائح ولم تنته الذكرى، ولمست بيدى البروجيكتور فوجدته ساخنا فأشفقت عليه وأطفأته، لأغرق لثوان كالدهر فى الظلام وأدير مفتاح النور الزائف، بعد أن غاب نور حياتى وظلاله بغياب آخر لمحة منها.

3 التعليقات:

غير معرف يقول...

ياربي ,, يا أمي ..

بجد مش عارفه اعلق بأيه .. لكني حين اراكِ سأدع تلك الدموع التي سقطت تعبر

ذكرتيني بكل من رحل يا امي ..

بكل من رحل .. ولم يكن لدي له صورة .. كي أتاملها

لازالت كما انا .. أخاف الرحيل

وكلماتك لازالت تجيد التعبير والاحساس

Tamer silit يقول...

ربما اتمنى مثل ما تتمنين

وربما يتمنى الكثير مثلنا

لكن هذه هى الحياة كما هى

بذكرياتها

دمت مبدعه ودام نبض قلمك المرهف

محمدعثمان جبريل يقول...

فى داخلى نفس آلةعرض الشرائح ... التى لا تحتاج لمونتاج يذكر ... فكما قيل فى النص :(ليت حياتى كانت مجرد بروجيكتور أضع فيه ما شئت من الشرائح التى تجمعنا، وأنفى كل تلك اللقطات الواقعية المؤلمة.)لكن القائم على اختيار الشرائح لا ينصاع لإرادتى .. فمرة يعرض ما يؤلم و يوخذ الضمير .. ومرة يعرض ما يجعلنى أشعر بالفخر و الرضا عن النفس " نادرا " لكن أخاف ... لحد الهلع ... عندما يصر أن يعرض لحظات سعادة ... لا أستطيع إستعادتها واقعا .. فالذكريات السعيدة تتركنى كتلة من حزن ... حتى اننى تصورى لا أستطيع أن أشاهد صور حفل زفافى ( علىأعتبار انها ذكرى سعيدة ــ مشيها سعيدة)
نص مثل كل جملة تبدعيها .. يفتح بوابة مغارة على بابا التى تقع فى الركن المظلم من العقل .. فيخرج منها ابتسامات و مرجان و ياقوت .. و دموع
أستاذة .. و هل الأستاذة تنتظر تقييم ...؟ لا أظن .. نحن هنا لنتمتع بالتعلم