المتابعونالمصحف المرتلأستاذة.. سامية أبو زيد
أديبة فى دروب المعرفة
على عصا العلم تتوكأ.. وكلما قطعت دربا ازددت حيرة.. فلا من الأدب ارتويت ولا من العلم اكتفيت. مواقع تهمنيفضفضةالزوارأصدقائي
هع مين هناكساعة الحظ |
سامية أبو زيد .. كاتبة مصرية
سامية أبو زيد
ولكنه علم كالبكا | الخميس, ديسمبر 01, 2011 |
Filed under:
|
ولكنه علم كالبكا
بقلم: سامية أبو زيد
تقلبت لشهور فى وظائف مؤقتة ـ والتى لم تكن مؤقتة فى كل مرة أشرع فيها فى وظيفة ماـ وكلها فيما يشبه البحث العلمى، فما بين القطاع الطبى للهيئة العامة للبترول ومرورا بمركز الأمراض المتوطنة بالوراق ـ مشروع الملاريا وانتهاء بالمركز القومى للبحوث فى معمل السموم الفطرية، فلم أر علما ولم أر علماء إلا قليلا، وعلمت أن العلم فى بلادى فى مأزق.
جدير بالذكر أن هذه الذكريات أو الشهادات قد مر عليها ربع قرن أو أشف قليلا، وأحسبها أى الأوضاع؛ لم تتغير لا قبل الثورة ولا بعدها. وسأبدأ معك بطرح تلك الذكريات أولا ثم نحللها معا لنضع أيدينا على أزمة العلم فى بلادنا، فاصبر معى على تلك ’’الحواديت‘‘ فالصبر مفتاح العلم.
فى القطاع الطبى للهيئة العامة للبترول
عقب حصولى على بكالوريوس العلوم قسم الكيمياء فتشت وفتشت كثيرا على وظيفة فما وجدت إلا سكرتيرة حسنة المظهر أو خادمة مقيمة، صفحات وصفحات من الإعلانات المبوبة التى تزخر بتلك ’’الوظائف‘‘، فلم أجد بدا من اللجوء للواسطة التى ألقت بى فى معمل بالقطاع الطبى للهيئة العامة للبترول كى أقضى يومى الوظيفى بين ثلاثة لا رابع لهم، عينات البول وعينات البراز ونسميه من باب التدليل ’’ستوول‘‘، ومساعدى فى المعمل ولنقف قليلا عند مساعدى هذا.
كان عاطف هذا من حملة الشهادات المتوسطة وهو فنى معمل متخصص، والأنكى من ذلك أنه كان مكلفا بتدريبى وتعريفى بطبيعة العمل، ولكن ولنه شهادة متوسطة ولأننى من حملة البكالوريوس ـ رغم تخصصى المفارق لطبيعة العمل وتخصصه المغرق فيه ـ فقد جعلته هذه الأوضاع مساعدا لى رغم أنه يفوقنى خبرة وأضفت على لقب دكتورة بدون مناسبة سوى التمييز الطبقى العلمى؛ فهل انتهت الأمور عند هذا الحد؟ بديهى أن تستنتج أنها لم تنته ولكن إلام انتهت؟
حدث ذات يوم أن ’’عاطف‘‘ وجد بويضة بلهارسيا فى إحدى العينات وفرجنى عليها بالميكروسكوب فعرفت شكلها على الطبيعة لأول مرة بعد طول مشاهدة لإعلانات الترعة الشهيرة، ورأيتها رأى العين، عفوا رأى الميكروسكوب لأكتب التقرير بعدها أن بالعينة الفلانية بويضة بلهارسيا، دونما تحديد لنوعها أهى هيماتوبيم أو مانسونى فلم أكن قد عرفت الفرق بعد؛ إلى هنا ولم تنته الحكاية... فما إن علم المدير حتى استدعانى على عجل ليهنئنى بهذا الكشف العظيم، وعبثا أقول له إن عاطف هو الذى اكتشفها، فقد وطن نفسه على استثمارى فى مكان جدير بى ليلقى بى إلى أخيه فى الوراق والذى كان مديرا لمركز أبحاث الأمراض المتوطنة بالوراق الشهير بالمشروع الأمريكى مع إغراءات ببعثة مرتقبة لبلد الأحلام... أمريكا.
وهاهنا انتهت صلتى بالقطاع وبقى عاطف بانتظار بكالوريوس جديد كى يصبح مساعدا له.
فى المركز الطبى للأمراض المتوطنة للوراق
لن أحدثك عن معاناتى مع وسائل المواصلات الثلاث ولا عن استيقاظى فى الخامسة صباحا للحاق بأول مترو فى السادسة صباحا ولا عن محاولة اختطافى ونجاتى على يد صبى فى العاشرة من عمره، فكل هذه الأشكال من المعاناة شخصية ولا شأن لها بكونى من سكان محافظة غير المحافظة التى عملت بها فى تلك الآونة، ولكن مهلا كيف لى أن أقول إنها شخصية!! أو ليست مشكلة عامة وما حالتى إلا نموذج لتلك المشكلة؟ دعك من هذا، ألم أذكر آنفا أنه مشروع أمريكى من تلك المشاريع التى تقدمها هيئة المعونات الأمريكية؟ أين كانت تلك الأموال من تيسير وسيلة نقل للعاملين، أم لأن عددنا لم يتجاوز العشرين جعلهم يهتمون بأجهزة التكييف والكومبيوتر ’’وطز‘‘ فى الموظفين!؟
عموما هذه ’’الطز‘‘ أتت ثمارها، ولكى أوضح مقصدى دعنى أشرح لك فى عجالة طبيعة عملنا:
كانت مطلوبا منا أن نقوم بعد البويضات الموجودة فى عينات البول والبراز التى تأتينا من القرى المدرجة فى المشروع لنرصد بعد ذلك فاعلية العلاج ومدى التحسن فى كل حالة مقيدة باسمها وتاريخ انضوائها تحت لواء البحث العلمى أى شغلنا. دعك من البراز وخلينا فى البول...
لكى يتم تحضير العينة كنا نرجها لكى تتوزع البويضات بشكل متجانس ثم نسحب منها عشرة ملليلتر من وسط العينة ونقوم بترشيحها وتلوينها ثم نعد البويضات، هكذا دربنى الدكتور رضا سرا لمدة أسبوعين لكى أصبح رئيسة المعمل وتحت يدى ستة فنيين، ثم تسلمت وظيفتى والمعمل وموظفينى الذين يفوقوننى عمرا وخبرة، فإليك ما رأيت.
بادئ ذى بدء وجدت أكواب الشاى والساندوتشات جنبا إلى جنب فى المعمل مع العينات اياها، تلك العينات التى لا تكتفى بكونها مقززة لطبيعتها ولكن لما تحمله من أمراض أتت من أبأس قرى مصر، فهل هؤلاء الفنيون يعون معنى البحث العلمى بل معنى الباراسايتولوجى؟ أم أنهم مجرد ضحايا مكاتب التنسيق ووزارة القوى العاملة!!
هذا فيما يتعلق بصحتهم والمخاطر الشخصية التى كانوا يتعرضون لها، أما فيما يختص بالعمل نفسه، فقد فوجئت بهم يرشحون العينات كاملة، والتى تتفاوت لدى الشخص الواحد من مرة للثانية، فقد يأكل ’’مش‘‘ أو يشرب عصير قصب، فلا حجم العينة ثابت ولا القياس عليها يمت للبحث العلمى بصلة.
وبعيدا عن البحث العلمى أين انسانية هؤلاء؟ كنت تراهم هم الستة، محشورين فى استراحتهم التى لا تزيد عن المترين تزاحمهم العينات القديمة المتراصة فلا تترك لهم سوى منضدة صغيرة وكرسى وحيد يتناوبون الجلوس عليه فى فترة الراحة، أما الاستراحة المخصصة لكبار الموظفين أمثالى ولم نزد عن ثلاثة وقتها فكانت غرفة واسعة بثلاجة وطاولة كبيرة والعديد من الكراسى التى يعلوها التراب، ولك أن تتخيل نضالى مع الدكتور مصطفى رئيس المركز لكى يسمح لهؤلاء الستة باستخدام الاستراحة الكبيرة معنا ورفضى التام لاقتراحه بأن يتم استخدام الاستراحة الكبيرة بالتناوب لما رأيته من تمييز يزيد الإحن بيننا وبينهم فضلا عن اهدار وقت العمل فى حصتى استراحة بلا داع، ولك أن تتخيل أسباب طفشانى فيما بعد من تلك الوظيفة الكئيبة غير المجدية.
فى المركز القومى للبحوث
بعد طول اكتئاب مما عانيت منه فى الوراق لم أجد بدا من الواسطة، فأرسلنى صديق والدى للدكتورة خيرية نجيب بالمركز القومى للبحوث لكى أوضع على قوة مشروع أمريكى فى معمل السموم الفطرية، مشروع الأفلاتوكسينز، وكانت مهمتى أن أساعد طلبة الماجيستر فى أبحاثهم العملية والنظرية، من الآخر مرمطون فى المعمل، فكنت أذهب إلى المكتبة لاستخراج المقالات من الدوريات العلمية وهى مهمة يسيرة وممتعة، أما المهمة السخيفة والتى كانت صلب عملى، فكانت تقطيع السمك المتعفن ـ رغم أنه كان من الأسواق المصرية ويأكله الناس ـ وضربه فى الخلاط مع مذيبات عضوية لتهيئته للباحث الذى سخرونى لمعاونته.
فكانت الأيام تمضى هانئة لا تدرى كيف، أو لنقل هانئة بشكل نسبى، ليرتفع صراخ الدكتورة خيرية: ’’مين اللى مسك التليفون بايديه مطرحها سمك؟‘‘، ليقفوا جميعا كالتلاميذ المشاغبين وقد رسم كل منهم على وجهه البراءة.
ولم تحاول تلك الدكتورة أن تسأل نفسها لم يفعلون ذلك بها؟ لم تنظر إلى الخلاطات العطلانة وطابور الباحثين وهم بانتظار انتهاء الخلاط الوحيد الصالح للعمل من دورته فى يد أحدهم، بل لم تنظر إلى غياب القفازات وعدم توفرها لأى من هؤلاء، رغم سخاء المعونة الأمريكية ورغم المخاطر الصحية الجمة التى كنا نتعرض لها يوميا بالتعامل مع تلك السموم وجها لوجه، أعنى يدا لسمك!!
وأخيرا لم أتخذ قرارى بالرحيل عن المركز حاملة معى ’’المقبول‘‘ الذى قدرته لى كليتى فى البكالوريوس إلا بعد التقائى بأحد زملائنا المتفوقين والذى كان يحضر للماجيستير فى المطعم المجاور للمركز حيث كان يعمل على ماكينة الشاورما!!
وبعد يا عزيزى القارئ، هل ترى فى بلادنا بعد كل ما حكيت منهجا علميا؟ هل ترى أناسا مؤهلين لتطوير البحث العلمى؟ فلو غضضنا الطرف عن الواسطة وعن سرقة المعونات الأمريكية فهل هذه العقول التى تتعامل بالبركة قادرة على أن تكون ذات منهج علمى؟ أم أنهم جميعا من عينة تلك الممرضة التى دخلت على مريض مرتدية القفاز الطبى ومعها قطنة مبللة بالكحول وفل الفل ولكنها ركنت الحقنة المفتوحة على الكرسى قبل أن تغز بها المريض!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
© 2008 سامية أبو زيد .. كاتبة مصرية
Design by Templates4all
Converted to Blogger Template by BloggerTricks.com
1 التعليقات:
ثقافة الهزيمة .. عصابة البقرة الضاحكة 3
وأنا تقديري الشخصي لهذه العملية الخاصة بسعاد حسني أنه لم يكن ثمة ما يدعو لأقتحام الغرفة عليها أثناء وجودها مع ممدوح والأكتفاء بمواجهتها بالصور التي حصلنا عليها من عملية الكنترول خاصة وأن الأقتحام تم أثناء ممارسة أوضاع جنسية وكانت سعاد عريانة،
وأذكر أنه في مرحلة من مراحل العملية كانت سعاد وممدوح متغطيين بملاية وكان ذلك من ضمن الأسباب التي دفعت إلى التفكير في الأقتحام أنما هذا لا يمنع من أننا ألتقطنا لهم صور قبل ما يتغطوا بالملاية، وقد كانت هذه العملية الخاصة بسعاد حسني هي أول عملية نلجأ فيها إلى هذا الأسلوب في التجنيد وهو ضبطها متلبسة. ..
باقى المقال ضمن مجموعة مقالات ثقافة الهزيمة ( بقلم غريب المنسى ) بالرابط التالى
www.ouregypt.us
إرسال تعليق