Powered By Blogger

تلك المئوية المنسية الاثنين, أبريل 19, 2010

تلك المئوية المنسية
************




بقلم: سامية أبو زيد
***********






فى حلقة يوم الأحد الموافق الرابع من ابريل 2010 للبرنامج المتميز ’’عصير الكتب‘‘ للأستاذ للكاتب بلال فضل، تحدث الشاعر والناقد الأستاذ شعبان يوسف فى فقرته المثيرة للدهشة ـ على حد تعبير الأستاذ بلال ـ ’’سور الأزبيكة‘‘ والتى يفتح لنا فيها مغارة ’’على بابا‘‘ مما لديه من واسع القراءة والمعرفة ؛ حيث ورد ذكر محمود شاكر من بين من تحدث عنهم فى قضية المعارك الأدبية بين الأدباء وبعضهم البعض واختصه ببضعة دقائق تزيد بشكل واضح عن غيره من الأدباء الذين ورد ذكرهم، وذلك فى تذكرة منه وعتاب للدولة وللأوساط الثقافية التى لم تحتف بمئويته وتركتها تمر فى صمت، وقد عقب الأستاذ بلال فضل قائلا إن محمود شاكر لم يُقرأ بشكل جيد، وقد صدق فى قوله هذا. بيد أن ما لفت نظرى فى الحديث هو تلك الحسرة على عدم جمع مقالات الشيخ شاكر ـ كما ورد فى البرنامج ـ فوددت أن أثلج صدريهما بمعلومة متواضعة توفرت لدى بمحض الصدفة، ألا وهى أن الدكتور عادل سليمان جمال لم يفته ذلك، بل إنه دأب على مطالبة الأستاذ بجمع مقالاته طيلة أربعة وعشرين عاما وأكثر، ولكن الأستاذ محمود شاكر كان يرفض لأنه كان يكره إعادة نشر ما كتب بل ويكره الاستشهاد بما سبق له ذكره فى كتابات سابقة ويفعلها مضطرا. ولولا الإلحاح والمحاججة والاستقواء بآراء تلاميذ الأستاذ محمود شاكر، لما رأى كتاباه الشهيران ’’أباطيل وأسمار‘‘ و’’نمط صعب، ونمط مخيف‘‘ النور فى حياته، أما جمهرة مقالاته فقد قام بجمعها الدكتور عادل سليمان فى مجلدين كبيرين بعد التشاور مع أرملة الأستاذ محمود شاكر وابن أخيه الكاتب الصحفى الراحل عبد الرحمن شاكر وولده الدكتور فهر، وكذا التقديم لها ومراجعتها على الميكروفيش بمكتبة الكونجرس الأمريكى. وقد حوى المجلدان إلى جانب المقدمة والمقالات تبويبا ضافيا مقسما فى أربعة فهارس ليصبح عدد الصفحات مجتمعة فى المجلدين 1274 صفحة من القطع الكبير وذلك تحت عنوان ’’جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر‘‘، وقد صدر الكتاب عن مكتبة الخانجى عام 2003م بعد جهد من الأستاذ الخانجى والدكتور عادل دام لعدة سنوات امتدت بعيد وفاة الأستاذ وحتى تاريخ نشره.


هذا عن المقالات وسيرتها، أما فيما يختص بالاحتفال بمئويته فقد سبق لى أن نبهت لاقترابها فى مقال لى بصفحة الرأى بجريدة الأخبار، وكانت بعنوان ’’الدراما والتاريخ عند محمود شاكر‘‘ونشرت فى الرابع من أغسطس 2005، ومع الأسف الشديد كانت الذكرى والذاكرة آخذتين فى الشحوب وقتذاك فكانت هذه المقالة هى الوحيدة التى نشرت فى ذكراه حتى أن الدكتورعبد القادر الإدريسى ذهب كعادته حين يكون فى زيارة لمصر إلى بيت الأستاذ قائلا لهم لم يكتب عن الأستاذ فى ذكراه سوى عالمة كيميائية واسمها كذا، وهو بذلك يفيض على شخصى الضعيف بصفة أكبر منى وعذره فى ذلك هو حرصى آنذاك على وضع لقب الكيميائية رفيقا لتوقيعى، ليبادره الأستاذ عبد الرحمن شاكر بذكر صلتى بهذا البيت، وبذلك أكون فسرت ما قلته فى قابل السطور من أننى عرفت ما عرفت بمحض الصدفة، فهو عم والدتى رحمهم الله جميعا.


وقد يعجب القارئ لحرصى طيلة السطور الفائتة على ذكر اسم الأستاذ شاكر كاملا بقولى محمود شاكر، بل وقد يراه إطنابا منى وهو ليس كذلك، فلو عرف السبب لبطل العجب كما يقولون. والسبب فى ذلك الحرص إنما يعود لما لاحظته من الخلط فى كثير من الأحيان بين كل من محمد شاكر وولديه أحمد ومحمود شاكر، ومع الأسف الشديد فقد وجدت هذا الخلط فى موقع يعتبره الناس مرجعا هو اسلام أونلاين الذى ثار حوله الجدل مؤخرا، لذا وبالعودة لحلقة برنامج ’’عصير الكتب‘‘ المذكورة والتى دعتنى لكتابة هذا المقال، وجدت كلا من الأستاذ شعبان والأستاذ بلال يشيران إلى محمود شاكر بقولهما الشيخ شاكر، ولهما العذر فى ذلك فمعرض حديثهما كان عن الأدباء، وقد سبق لى الإشارة فى موضع آخر أنك اذا قلت الشيخ شاكر فسوف يتداعى إلى الذهن إما محمد أو أحمد أو محمود حسب كنه الحوار وحسب المتلقى، فلو كان المتلقى من المهتمين بعلوم الحديث والشريعة لوقر فى ظنه أنك تتحدث عن الشيخ أحمد شاكر، أما إذا كان المتلقى من المهتمين بتاريخ الأزهر ونشاطه السياسى فسوف يستدعى الشيخ محمد شاكر، وهكذا بالنسبة للمهتمين بالأدب فيما يتعلق بمحمود شاكر، أما خلصاؤه ومريدوه الحقيقيون فلا يقولون عنه سوى الأستاذ ولا يلقبونه بالشيخ، وهكذا ترانى ألتمس الدقة فى قولى للتأكيد عمن أعنى بكلامى من آل شاكر.


ومن باب التوكيد على كلام الأستاذ بلال أن محمود شاكر لم يُقرأ بشكل جيد، دعونى أقتبس هذا الجزء من مقالته المنشورة فى مجلة القاهرة فى عددها الرابع عشر بتاريخ الثلاثاء 7 مايو 1985م ، بعنوان ’’الألفاظ المكشوفة فى هذا الكتاب طبيعية وينبغى ألا يجهلها البشر‘‘، والتى قام بنشرها إبان أزمة كتاب ’’ألف ليلة وليلة‘‘ والحكم بإعدامه حيث يقول فى خاتمة المقالة: ’’من حق بعضنا أن يقرأه أو لا يقرأه. لكن الذى ليس من حقنا جميعا أن نحكم بإلغائه أو بحرقه!


فالثابت أن هذاالكتاب وجد منذ مئات السنين، وخلال هذه السنين قرأه الناس، ولم يحدث مرة أن قيل إن هذا الكتاب أفسد عقل جيل أو عرض إلى انحلال مجتمع.


إن غاية ما يراه البعض فى اتهامهم لهذا الكتاب هو أن به ألفاظًا مكشوفة تنتشر على صفحاته! هذه الألفاظ فى رأيى لا خوف منها. فهى ألفاظ العلم نفسه. وإذا كان لها تأثير ضار، فكيف يستخدمها علماء اللغة وأصحابها. أقول إنها ليست ألفاظًا ضارة وإنها ألفاظ طبيعية وعادية يستخدمها البشر فى كل مكان. وليس من مصلحة البشر أن يجهل مثل هذه الألفاظ. فهى ضرورة من ضرورات الحياة.. العلمية منها أو الاجتماعية.


ومن هنا أرى أن ما يثار الآن حول كتاب ألف ليلة وليلة مثل من أمثلة فساد حياتنا الثقافية بوجه عام.‘‘


انتهى الاقتباس مع خاتمة مقالته، وقد عن لى أن أستعين به ليكون حجة للأستاذ بلال الذى شكا فى مطلع الحلقة المذكورة من الهجوم عليه وعلى غيره من الكتاب من قبل من يحسبون أنفسهم على السلف حتى صارت السلفية وصمة وتهمة يدرأها المرء عن نفسه، وهو ما حرص فى حلقته المذكورة على توضيحه، أى الفارق بين السلفية وبين ادعائها من قبل المتنطعين والمتاجرين بقشور المعرفة.


ختاما لا يسعنى سوى الثناء على هذا البرنامج الذى يجتهد العاملون فيه فى محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أحوالنا الثقافية المتردية، وأن يضيئوا شموعا بدلا من لعن الظلام، فمع ثورة المعلومات وانفجارها أصبح المتلقى فى حيرة من أمره عماذا يقرأ وماذا يترك فى هذا العباب المتلاطم حوله من الحروف والكلمات.

1 التعليقات:

Fahad Fawaz يقول...

صحيح متى نتعلم الدرس؟
للأسف القيم صارت رخيصة ولا قيمة لها ..!
هذا زمن نحتاج فيه للكثير للنهوض والعودة ثانية لركب التقدم أو حتى شيء من احترامنا لأنفسنا وعزتنا وكرامتنا لو أي شي !!
أشكرك أختي العزيزة أستاذة سامية.
بارك الله فيك وكثر من أمثالك ..