Powered By Blogger

الأحد, سبتمبر 18, 2011


الرواية التى كادت تقضى على صاحبها
 فى
 ليل أغسطس
بقلم: سامية أبو زيد

’’موهبة متفجرة‘‘... هذا التعبير المستهلك يسترد مدلوله كاملا حين يكون الكلام عن محمد ابراهيم محروس، فهو لايتمتع بغزارة الإنتاج فحسب، بل والسيطرة على قلمه كفارس يسوس جواده كيفما يشاء ووقتما يشاء. ويحضرنى مثال أسوقه إليك ليتضح لك مقصدى من قولى هذا، إذ حدث ذات يوم أن قال لى إنه يريد أن يغير أسلوبه فى الكتابة لكى يواكب العصر بعد ما قرأه من آداب حديثة، فوقر فى ظنى أن أمرا كهذا سوف يكلفه عدة شهور من المحاولات والتجريب شأنه فى ذلك شأن أى كاتب عادى، ولكن.. ولأنه محمد ابراهيم محروس فاجأنى فى اليوم التالى أو بعدها بيومين على الأكثر ـ والعتب هاهنا على الذاكرة ـ بقصة قصيرة.
كان اسمها ’’دير العاشق‘‘، وحين قرأتها أصبت بصدمة أو ذهول أو دهشة أو كل ذلك فى آن معا، وبالطبع أنت متوقع لما حدث ولسبب دهشتى، فدعنى أقول لك إنك على حق فيما ذهب إليه ظنك. أجل.. لقد كانت قصة جديدة كتبها بين ليلة وضحاها بأسلوب جديد وبلا أى لبس أو تخبط قد ينجم عن التجربة الأولى، وكأنه كان يكتب بهذا الأسلوب منذ سنوات عديدة.
هذا هو محمد ابراهيم محروس القاص المتدفق الهادر كشلال كلمات، أما الرواية المعنية وهى ’’ليل أغسطس‘‘ فكادت تقضى عليه بأكثر من طريقة ولأكثر من سبب، ولكى لا أطيل عليك هاك ما جرى.
قامت دار نشر ’’مير‘‘ بعمل مسابقة أدبية للنشر، حيث يتقدم المتسابقون بأعمالهم للدار ويكون النشر المجانى من نصيب الفائز بالمركز الأول، فقام الكاتب بإرسال روايته ليل أغسطس التى كانت جاهزة لديه، واستمر كما هو فى متابعة نشاطه وإنتاجه وتواصله مع جمهوره الواسع عبر المنتديات الثقافية والصحف والمجلات الالكترونية والمطبوعة مثل موقع ’’نون‘‘ وجريدة أخبار الأدب وغيرهما، وسارت به الحياة ولم يعد يفكر فى المسابقة أو فى نتيجتها، حتى قرر ’’منتدى التكية الأدبى‘‘ الشروع فى إصدار مطبوعاته الخاصة، وذلك تشجيعا منه لأعضاء المنتدى على التجويد ولتوثيق أعمال الأعضاء ورعاية الموهوبين منهم، وأجمع الأعضاء والإداريون على تدشين تلك الخطوة المحمودة باختيارهم الكاتب محمد ابراهيم محروس وتكليفه بتقديم رواية تكون من بواكير إصدارات التكية، وذلك بشكل متساوق مع المسابقة التى أقامها المنتدى وكان على رأس اللجنة المحكمة الناقد الكبير د. سيد البحراوى الذى التفت بفطنته لمستجدات المشهد الثقافى ودور الشبكة العنكبوتية فى إفراز الجديد من المواهب الشابة التى تستحق الرعاية. فوافق الكاتب على إمدادهم بأحد نصوصه  وأرسل روايته ’’ليل أغسطس‘‘ للدكتورة إيمان الدواخلى كى يشرعوا فى طباعتها.
وبالانتقال للرواية نفسها نجد الكاتب قد أجاد رسم الأجواء الغامضة بطريقة مشوقة تقترب من الكتابة البوليسية، لكنها تختلف عنها فى غوص الكاتب فى نفسية المجرم الذى هو فى هذه الحالة أقرب إلى المريض النفسى، بل هو مريض بالفعل، وما يميزها كذلك هو عدم مجانية التفاصيل التى تطرح بشكل عفوى ليتبين فيما بعد أنها لم تكن عفوية. حتى عندما لجأ للصدفة فى بداية الرواية كانت مبررة ولها منطقها الذى يدعم تصوير الحالة الذهنية لبطل الرواية. ولعل من أبرز المشاهد التى تبرز حالة البطل الذهنية والعصبية ذلك المشهد الذى يثور فيه ويغضب لرؤيته قطة تطارد كلبا وهو رد فعل شاذ لمشهد يفترض فيه أن يثير الدهشة والعجب لا الغضب والثورة.
فهذا هو محمد ابراهيم محروس الذى يكتب بخفة الراقص الذى يحفظ خشبة المسرح فلا حاجة له بالنظر تحت قدميه، ولو حاولت تقفى خطواته لتعثرت لأنه هو... محروس. 



جدير بالذكر أن الرواية فازت مرتين بالمركز الأول وهو ما جعل دار مير تسحب جائزتها وهى مسألة تحتاج للنظر، فمن الذى يضمن أن يفوز عمله فى أكثر من مكان أو فى أى مكان!!؟
أو لايكون فوزه فى أكثر من مكان شهادة استحقاق فى حد ذاته!؟

0 التعليقات: